الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقد أشار سبحانه وتعالى بقوله: {رَبّ العالمين} إلى حضرة الربوبية التي هي مقام العارفين وهي اسم للمرتبة المقتضية للأسماء التي تطلب الموجودات فدخل تحتها العليم والسميع والبصير والقيوم والمريد والملك وما أشبه ذلك لأن كل واحد من هذه الأسماء والصفات يطلب ما يقع عليه فالعليم يقتضي معلومًا والقادر مقدورًا والمريد مرادًا إلى غير ذلك والأسماء التي تحت اسم الرب هي الأسماء المشتركة بين الحق والخلق والأسماء المختصة بالخلق اختصاصًا تأثيريًا فمن القسم الأول: العليم مثلًا فإن له وجهين وجه يختص بالجناب الإلهي ومنه يقال: يعلم نفسه ووجه ينظر إلى المخلوقات ومنه يقال: يعلم غيره ومن القسم الثاني: الخالق ونحوه من الأسماء الفعلية فله وجه واحد ومنه يقال: خالق للموجودات ولا يقال: خالق لنفسه، تعالى عن ذلك وهذا القسم من الأسماء تحت اسمه الملك ومنه يظهر الفرق بينه وبين الرب، وأما الفرق بين الرب والرحمن فهو أن الرحمن عندهم اسم لمرتبة اختصت بجميع الأوصاف العلية الإلهية سواء انفردت الذات به كالعظيم والفرد أو حصل الاشتراك أو الاختصاص بالخلق كالقسمين المتقدمين فهو أكثر شمولًا من الرب ومن مرتبة الربوبية ينظر الرحمن إلى الموجودات وأما اسمه تعالى الله: فهو اسم لمرتبة ذاتية جامعة وفلك محيط بالحقائق وهو مشير إلى الألوهية التي هي أعلى المراتب وهي التي تعطي كل ذي حق حقه وتحتها الأحدية وتحتها الواحدية وتحتها الرحمانية وتحتها الربوبية وتحتها الملكية ولهذا كان اسمه الله أعلى الأسماء وأعلى من اسمه الأحد فالأحدية أخص مظاهر الذات لنفسها والألوهية أفضل مظاهر الذات لنفسها أو لغيرها ومن ثم منع أهل الله تعالى تجلي الأحدية ولم يمنعوا تجلي الألوهية لأن الأحدية ذات محض لا ظهور لصفة فيها فضلًا عن أن يظهر فيها مخلوق فما هي إلا للقديم القائم بذاته.ومما قررنا يعلم سر كثرة افتتاح العبد دعاءه بيا رب يا رب مع أنه تعالى ما عين هذا الاسم الكريم في الدعاء ونفى ما سواه بل قال سبحانه: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن} [الإسراء: 110] وقال: {وَللَّهِ الاسماء الحسنى فادعوه بِهَا} [الأعراف: 180] وقال أرباب الظاهر: الداعي لا يطلب إلا ما يظنه صلاحًا لحاله وتربية لنفسه فناسب أن يدعوه بهذا الاسم ونداء المربي في الشاهد بوصف التربية أقرب لدر ثدي الإجابة وأقوى لتحريك عرق الرحمة، وعند ساداتنا الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم يختلف الكلام باختلاف المقام فرقًا وجمعًا وعندي وهو قبس من أنوارهم أن الأرواح أول ما شنفت آذانها وعطرت أردانها بسماع وصف الربوبية كما يشعر بذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بلى} [الأعراف: 172] فهم ينادونه سبحانه بأول اسم قررهم به فأقروا وأخذ به عليهم العهد فاستقاموا واستقروا فهو حبيبهم الأول ومفزعهم إذا أشكل الأمر وأعضل:
وقريب من هذا ما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره الأنور مما حاصله أن الله تعالى لما أوجد الكلمة المعبر عنها بالروح الكلي إيجاد إبداع وأعماه عن رؤية نفسه فبقي لا يعرف من أين صدر ولا كيف صدر فحرك همته لطلب ما عنده ولا يدري أنه عنده: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد} [ق: 61] فأخذ في الرحلة بهمته فأشهده الحق ذاته فعلم ما أودع الله تعالى فيه من الأسرار والحكم وتحقق عنده حدوثه وعرف ذاته معرفة إحاطية فكانت تلك المعرفة غذاء معينًا يتقوت به وتدوم حياته فقال له عند ذلك التجلي الأقدس ما أسمى عندك فقال أنت ربي فلم يعرفه إلا في حضرة الربوبية وتفرد القديم بالألوهية فإنه لا يعرفه إلا هو فقال له سبحانه أنت مربوبي وأنا ربك أعطيتك أسمائي وصفاتي ولا يحصل لك العلم إلا من حيث الوجود ولو أحطت علمًا بي لكنت أنت أنا ولكنت محاطًا لك وأمدك بالأسرار الإلهية وأربيك بها فتجدها مجعولة فيك فتعرفها وقد حجبتك عن معرفة كيفية إمدادي لك بها إذ لا طاقة لك أن تحمل مشاهدتها إذ لو عرفتها لاتحدت الانية وأين المركب من البسيط ولا سبيل إلى قلب الحقائق إلى آخر ما قال، ويعلم منه إشارة سر افتتاح الأوصاف في الفاتحة برب العالمين، وفيه أيضًا مناسبة لحال البعثة وإرساله صلى الله عليه وسلم إلى من أرسل إليه لأن ذلك أعظم تربية للعباد ورمز خفي إلى طلب الشفقة والرأفة بالخلق كيف كانوا لأن الله تعالى ربهم أجمعين. وقد قرئ {رب العالمين} بالنصب ونسب ذلك إلى زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما، وقد اختلف في توجيهه فقيل نصب على القطع ويقدر العامل هنا أمدح للمقام أو أذكر لا أعني لأن ذلك إذا لم يكن المنعوت متعينًا كما في شرح العمدة وضعف بالاتباع بعد القطع في النعت وأجيب بأن الرحمن بدل لا نعت وروى أنه قرئ بنصب: {الرحمن الرحيم} فلا ضعف حينئذ وقيل بفعل مقدر دل عليه الحمد وليس على التوهم كما توهم أبو حيان فضعفه بزعمه أنه من خصائص العطف وقيل بالحمد المذكور واعترض بأن فيه إعمال المصدر المحلى باللام وبأنه يلزم الفصل بين العامل والمعمول بالخبر الأجنبي وأجيب عن الأول بأن سيبويه وهو هو جوز إعمال المحلى مطلقًا والظرف تكفيه رائحة الفعل نعم منعه الكوفيون مطلقًا وجوزه على قبح الفارسي وبعض البصريين وفصل البعض بين ما تعاقب أل فيه الضمير فيجوز ومالا فلا، وعن الثاني بأن هذا الخبر كان معمولًا لهذا المبتدأ في موضع المفعول كما تقول حمدًا له فليس بأجنبي صرف على أن المبتدأ والخبر لاتحادهما معنى كشيء واحد فلا أجنبي.وحكي عن بعض النحاة جواز الإعمال مطلقًا وقيل بالنداء ولا يخفى ما فيه من اللبس والفصل والالتفات الذي لا يكاد لخلوه عما يأتي إن شاء الله تعالى يلتفت إليه وقيل رب فعل ماض وفيه أن أمره مضارع في البعد لما تقدم وأن الجملة لا تكون صفة والحالية غير حسنة الحال مع أنه قرئ بنصب ما بعد والمناسب المناسبة وأهون الأمور عندي أولها بل يكاد يقطع الظاهر بالقطع. اهـ. .قال الشوكاني: {رَبّ العالمين} قال في الصحاح: الرب اسم من أسماء الله تعالى، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة.وقد قالوه في الجاهلية للملك.وقال في الكشاف: الرب المالك.ومنه قول صفوان لأبي سفيان: لأن يَرُبَّني رجل من قريش أحبُّ إليّ من أن يَرُبَّني رجل من هوازن.ثم ذكر نحو كلام الصحاح.قال القرطبي في تفسيره: والرب السيد، ومنه قوله تعالى: {اذكرني عند ربك} [يوسف: 42]، وفي الحديث: «أن تلد الأمة ربها»، والرب: المصلح، والمدبر، والجابر، والقائم قال: والرب المعبود.ومنه قول الشاعر:و{العالمين} جمع العالم، وهو: كل موجود سوى الله تعالى، قاله قتادة.وقيل أهل كل زمان عالم، قاله الحسين بن الفضل.وقال ابن عباس: العالمون الجنّ، والإنس، وقال الفراء، وأبو عبيد: العالم عبارة عمن يعقل، وهم أربعة أمم: الإنس، والجن، والملائكة، والشياطين.ولا يقال للبهائم عالم، لأن هذا الجمع إنما هو: جمع ما يعقل.حكى هذه الأقوال القرطبي في تفسيره، وذكر أدلتها، وقال: إن القول الأول أصحّ هذه الأقوال؛ لأنه شامل لكل مخلوق وموجود.دليله قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين قَالَ رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} [الشعراء: 23، 24] وهو: مأخوذ من العَلم، والعلامة لأنه يدل على موجده، كذا قال الزجَّاج: وقال: العالم كل ما خلقه الله في الدنيا، والآخرة، انتهى.وعلى هذا يكون جمعه على هذه الصيغة المختصة بالعقلاء تغليبًا للعقلاء على غيرهم.وقال في الكشاف: ساغ ذلك لمعنى الوصفية فيه، وهي الدلالة على معنى العلم.وقد أخرج ما تقدم من قول ابن عباس عنه الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وصححه.وأخرجه عبد بن حميد، وابن جريح عن مجاهد.وأخرجه ابن جرير عن سعيد بن جُبير.وأخرج ابن جبير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {رَبِّ العالمينَ} قال: إله الخلق كله السموات كلهنّ، ومن فيهنّ. والأرضون كلهنّ، ومن فيهنّ، ومن بينهنّ مما يعلم ومما لا يعلم. اهـ. .قال ابن عاشور: {رَبِّ العالمين} وصف لاسم الجلالة فإنه بعد أن أسند الحمد لاسم ذاته تعالى تنبيهًا على الاستحقاق الذاتي، عقبَ بالوصف وهو الرب ليكون الحمد متعلقًا به أيضًا لأن وصف المتعلَّق متعلَّق أيضًا، فلذلك لم يقل الحمد لرب العالمين كما قال: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 6] ليؤذن باستحقاقه الوصفي أيضًا للحمد كما استحقه بذاته.وقد أجرى عليه أربعة أوصاف هي: رب العالمين، الرحمن، الرحيم، ملك يوم الدين، للإيذان بالاستحقاق الوصفي فإن ذكر هذه الأسماء المشعرة بالصفات يؤذن بقصد ملاحظة معانيها الأصلية، وهذا من المستفادات من الكلام بطريق الاستتباع لأنه لما كان في ذكر الوصف غنية عن ذكر الموصوف لاسيما إذا كان الوصف منزلًا منزلة الاسم كأوصافه تعالى وكان في ذكر لفظ الموصوف أيضًا غُنية في التنبيه على استحقاق الحمد المقصود من الجملة عَلمنا أن المتكلم ما جمع بينهما إلا وهو يشير إلى أن كِلاَ مَدلُولَيْ الموصوف والصفة جدير بتعلق الحمد له مع ما في ذكر أوصافه المختصة به من التذكير بما يُميزه عن الآلاهة المزعومة عند الأمم من الأصنام والأوثان والعناصر كما سيأتي عند قوله تعالى: {ملك يوم الدين}.والرب إما مصدر وإما صفة مشبهة على وزن فَعْل مِنْ رَبَّه يَرُبُّه بمعنى رباه وهو رَب بمعنى مُرَبَ وسائس.والتربية تبليغ الشيء إلى كماله تدريجًا، ويجوز أن يكون من ربه بمعنى ملَكَه، فإن كان مصدرًا على الوجهين فالوصف به للمبالغة، وهو ظاهر، وإن كان صفة مشبهة على الوجهين فهي واردة على القليل في أوزان الصفة المشبهة فإنها لا تكون على فَعْل من فعَل يفعُل إلا قليلًا، من ذلك قولهم نمّ الحديث ينُمُّه فهو نَمّ للحديث.والأظهر أنه مشتق من ربَّه بمعنى رباه وساسه، لا من ربه بمعنى ملكه لأن الأول الأنسب بالمقام هنا إذ المراد أنه مدبر الخلائق وسائس أمورها ومبلغها غاية كمالها، ولأنه لو حمل على معنى المالك لكان قوله تعالى بعد ذلك: {ملك يوم الدين} كالتأكيد والتأكيد خلاف الأصل ولا داعي إِليه هنا، إلا أن يجاب بأن العالمين لا يشمل إلا عوالم الدنيا، فيحتاج إلى بيان أنه ملك الآخرة كما أنه ملك الدنيا، وإن كان الأكثر في كلام العرب ورود الرب بمعنى الملك والسيد وذلك الذي دعا صاحب الكشاف إلى الاقتصار على معنى السيد والملك وجوز فيه وجهي المصدرية والصفة، إلا أن قرينة المقام قد تصرف عن حمل اللفظ على أكثر موارده إلى حمله على ما دونه فإن كلا الاستعمالين شهير حقيقي أو مجازي والتبادر العارض من المقام المخصوص لا يقضي بتبادر استعماله في ذلك المعنى في جميع المواقع كما لا يخفي.والعرب لم تكن تخص لفظ الرب به تعالى لا مطلقًا ولا مقيدًا لما علمت من وزنه واشتقاقه.قال الحارث بن حلزة:يعني عَمْرو بن هند.وقال النابغة في النعمان بن الحارث: وقال في النعمان بن المنذر حين مرض: وقال صاحب الكشاف ومن تابعه: إنه لم يطلق على غيره تعالى إلا مقيدًا أو لم يأتوا على ذلك بسند وقد رأيتَ أن الاستعمال بخلافه، أما إطلاقه على كل من آلهتهم فلا مرية فيه كما قال غاوي بن ظالم أو عباس بن مرداس: وسموا العزى الرَّبة.وجمْعه على أرباب أدل دليل على إطلاقه على متعدد فكيف تصح دعوى تخصيص إطلاقه عندهم بالله تعالى؟ وأما إطلاقه مضافًا أو متعلقًا بخاص فظاهر وروده بكثرة نحو رب الدار ورب الفرس ورب بني فلان.وقد ورد الإطلاق في الإسلام أيضًا حين حكى عن يوسف عليه السلام قوله: {إنه ربي أحسن مثواي} [يوسف: 23] إذا كان الضمير راجعًا إلى العزيز وكذا قوله: {أأرباب متفرقون خير} [يوسف: 39] فهذا إطلاق للرب مضافًا وغير مضاف على غير الله تعالى في الإسلام لأن اللفظ عربي أطلق في الإسلام، وليس يوسفُ أطلَقَ هذا اللفظ بل أطلق مرادفه فلو لم يصح التعبير بهذا اللفظ عن المعنى الذي عبر به يوسف لكان في غيره من ألفاظ العربية مَعْدَل، إنما ورد في الحديث النهي عن أن يقول أحد لسيده ربي وليقل سيدي، وهو نهي كراهة للتأديب ولذلك خص النهي بما إذا كان المضاف إليه ممن يعبد عرفًا كأسماء الناس لدفع تهمة الإشراك وقطع دابره وجوزوا أن يقول رب الدابة ورب الدار، وأما بالإطلاق فالكراهة أشد فلا يقل أحد للملك ونحوه هذا رب.و{العالمين} جمع عالم قالوا ولم يجمع فاعَل هذا الجمع إلا في لفظين عالَم وياسم، اسم للزهر المعروف بالياسمين، قيل جمعوه على يَاسَمُون وياسَمِين قال الأعشى: والعالم الجنس من أجناس الموجودات، وقد بنته العرب على وزن فاعل بفتح العين مشتقًا من العِلْم أو من العلامة لأن كل جنس له تميز عن غيره فهو له علامة، أو هو سببُ العلم به فلا يختلط بغيره.وهذا البناء مختص بالدلالة على الآلة غالبًا كخاتم وقالب وطابع فجعلوا العوالم لكونها كالآلة للعلم بالصانع، أو العلم بالحقائق.ولقد أبدع العرب في هذه اللطيفة إذ بنوا اسم جنس الحوادث على وزن فاعل لهذه النكتة، ولقد أبدعوا إذ جمعوه جمع العقلاء مع أن منه ما ليس بعاقل تغليبًا للعاقل.وقد قال التفتازاني في شرح الكشاف: العالم اسم لذوي العلم ولكل جنس يعلم به الخالق، يقال عالم الملك، عالم الإنسان، عالم النبات يريد أنه لا يطلق بالإفراد إلا مضافًا لنوع يخصصه يقال عالم الإنس عالم الحيوان، عالم النبات وليس اسمًا لمجموع ما سواه تعالى بحيث لا يكون له إجراء فيمتنع جمعه وهذا هو تحقيق اللغة فإنه لا يوجد في كلام العرب إطلاق عالم على مجموع ما سوى الله تعالى، وإنما أطلقه على هذا علماء الكلام في قولهم العالم حادث فهو من المصطلحات.والتعرف فيه للاستغراق بقرينة المقام الخطابي فإنه إذا لم يكن عهد خارجي ولم يكن معنى للحمل على الحقيقة ولا على المعهود الذهني تمحض التعريف للاستغراق لجميع الأفراد دفعًا للتحكم فاستغراقه استغراق الأجناس الصادق هو عليها لا محالة وهو معنى قول صاحب الكشاف: ليشمل كل جنس مما سُمِّي به إلا أن استغراق الأجناس يستلزم استغراق أفرادها استلزامًا واضحًا إذ الأجناس لا تقصد لذاتها لاسيما في مقام الحكم بالمربوبية عليها فإنه لا معنى لمربوبية الحقائق.وإنما جمع العالم ولم يُؤت به مفردًا لأن الجمع قرينة على استغراق، لأنه لو أُفرد لتوهم أن المراد من التعريف العهد أو الجنس فكان الجمع تنصيصًا على الاستغراق، وهذه سنة الجموع مع ال الاستغراقية على التحقيق، ولما صارت الجمعية قرينة على الاستغراق بطل منها معنى الجماعات فكان استغراق الجموع مساويًا لاستغراق المفردات أو أشمل منه.وبطل ما شاع عند متابعي السكاكي من قولهم استغراق المفرد أشْمَل كما سنبينه عند قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} [البقرة: 31]. اهـ.
|